عائشة المغربي والبوح بسر الأنوثة عائشة المغربي شاعرة ليبية أصدرت ثلاثة دواوين شعرية
الأشياء الطيبةعام 1986
البوح بسرأنثاى1996
أميرة الورق 1998
صمت البنفسج
بالإضافة إلى مسرحية بعنوان”بائعة الزهور ومجموعة قصصية بعنوان ” أوهام الغبار”.
بدأت الشاعرة كتابة الشعر منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي كما نقرا من تواريخ وإمضاء قصائدها في ديوانها الأول “الأشياء الطيبة”.
عائشة المغربي هي شاعرة الكلمات الرقيقة والوعد المجهض والنهايات المفاجئة هذا ما نقرأه في قصائد ديوانها الأول “الأشياء الطيبة”
عدني حبيبي لن تخلف الميعاد
وتأتى مشرقا كالشمس
تتسلل من نافذتي كل صباح
عدني قبل الرحيل
البساطة والوضوح هي عنوان قصائد عائشة المغربي في ديوانها الأول كطفلة
تتهجى حروف الكتابة بعشق وشغف هكذا طرقت قصائدها الاولى أبواب الشعر فضمها
فى ملكوته الجميل الذى لتمتعنا بقصائدها الدافئة الرقيقة المزدانة بخصب
وعنفوان أنثوى جامح لمحبة كل ألوان الحياة ..هكذا تلوح قصائد الشاعرة
“عائشة المغربى”..فى دوواينها الشعرية المختلفة للقارىء الشغوف بالشعر .
تتقارب اللغة الشعرية في قصائد ديوانها لأول بحيث تبدو القصائد الشعرية
المختلفة في الديوان وكأنها قصيدة طويلة واحدة يختفي فيها التعدد
والاختلاف ، وتتحدد الرؤية وتنحصر في مفردات متكررة الوعد، العتاب ،
الأنتضار
وحدي هنا
أغرق في صمتي وانتضارى
أبصرك ياحلمى أنطفأ
ثم احتراقا وفناء
ولأنه الديوان لها فى مسيرة درب الشعر الذى لم تتخلى عنه لذلك هو عابق
” بالأشياء الطيبة المعتملة بروح رقيقة مرهفة تستقبل الحياة بالحلم والوعد
والآمل وبكل الصور الشعرية والمفردات الرقيقة الحالمة لشاعرة كانت تتلمس
تتلمس الحياة بحذر وخوف وترقب.
في ديوانها الثاني “البوح بسر أنثاي” تمتد نفس الروح الشعرية المحملة
بروح رومانسية دافئة من خلال المفردات اللغوية المحملة بدلاالات الرقة
والنعومة الخائفة من الانكسار والعطب
ياحببيبى القصى
أنا الوحيدة النائمة على جدار الحزن
كيف أثقب صدر الليل؟
أتنفس النهار
لغة الوجد وخصب العاطفة هي عنوان هذا الديوان في بوح أنثوي رقيق لا
تطالب بالكثير سوى بحقها كصوت انثوى في البوح مجرد البوح بما يختلج داخلها
من رؤية للعالم وللبشر
ورغم التفاف الديوان وأنغماسه فى بوح الذات الأنثوية للشاعرة الا أنها
تمتد بروحها ايضا نحو مأسى الحروب والدمار التى تهتز الشاعرة لها،فتتدفق
روحها الشعرية لتكتب ثلاث قصائد عن الحرب لأهلية اللبنانية التى كانت
مستعرة بنارها فى البلد العربى الشقيق كما تقول في قصيدتها “سيد المساءت
الوقحة” “”نافذة بيروت المشرعة للحب ”
“زينب هوانا مباح”
بيروت أيتها المسهدة
بأنتضار منفى في شريان الوقت
ومجيء لفرح ما
فالشاعرة بحدسها الأنثوي ورؤيتها الشعرية كان لديها يقين بان بيروت
ستنهض من جديد هي فقط كانت في حالة انتضار للوقت الذي سيحمل معه فرح
الهدوء القادم.
في قصيدتها الجميلة “البوح بسر أنثاي”تشحن اللغة بغنائية عالية تهحس بتفاصيل لذات تصرخ في وجه العالم وتعلن عن حضورها القوى
أنا الطالعة إليكم
من بوتقة خوفي
من برعم زهرة
يتفتح في حديقة الشعر
أزيحوا صقيعكم كي أمر
فالشاعرة في هذه القصيدة تستخدم ضمير المتكلم لأنها تنشد أن تقول ذاتها على الملاء :
دعوني أسفح دمى
أبصقكم على مساء رصيفي
فهي لا تعبأ بالوجوه التي تحاول أن تمنعها من أن تقول ذاتها بل تبصقهم
على رصيف حياتها، هنا تبدو الذات الشعرية أكثر صداما مع المحيط الذي يحاول
أن يسيجهاويمنعها من بوح الذات
ويتجلى بوحها الأنثوى الدافق بالرغبة والحب فى نصوصها القصيرة المختزلة
فى صور بلاغية تبرق فى ذهن القارىء لتمنحه صورة جميلة ثرية دافقة بالعشق
والخصب الأنثوى الجميل ..كما تقول في نصها البارق الوامض المعنون ب”عصيان”
أيّها الولد الشّقي
امرأة أنا
تهزمك أنهار حنيني
تشرع ضدّي إلهاً
يحرس أسوار جليدك
وقلبي عصفور عاصٍ
تدميه فيخفق.
في ديوانها الأخير”أميرة الورق”يتجلى صوت الشاعرة وقد أكتسب خبرة وحنكة
شعرية وأكتسبت الذات الشعرية هدوء ملحوضا وخفت صوتها امتد ت فضاءتها لرسم
تفاصيل علاقاتها الانسانية بالاخرين برؤية وجودية فلسفية مهشمة لعامل
الزمن والتاريخ الذى حصر الوجوه فى زمن ماضى لن يعود .ولكنه يعيش فى ذاكرة
الشاعرة فى استدعاء شعرى وكأنه أستدعاء بروستى للزمن الغير المستعاد
وللوجوه التى علاها غطاها غبار النسيان ..كما تقول فى احد نصوصها النثرية …
سبعة أصدقاء لأجلهم
أوقدت حطبي
في أوردة المدينة
في ديوانها الثالث “أميرة الورق” تخلصت الشاعرة تماما من شوارد الألفاظ
وعمدت إلى الاختزال وتشذيب اللغة وتخلصت من المفردات اللغوية المتكررة فى
قصائدها بديوانها لأول .
في قصيدتها “تجليات عائشة”تبرز الشاعرة وجهها المتشكل بذات وعت العالم بكل جنونه وقبحه وجماله
عائشة الأسطورة المحاصرة بالرمل
تمد خطوة خارج أسوارها
تقبضها الشيخوخة
مثل شجرة عارية
توسدت عائشة وحدتها تلحفت طريق الأحزان المشجر
هي الأسطورة الشخصية للشاعرة “عائشة المغربي” الصوت الشعري الذى له
بصمته الشعرية الخاصة به من حيث اللغة والإلتقاطات الشعرية وروح القصائد
الخصبة بعنفوان الحب والأنوثة الرغبات الجامحة بكل دفئها ورقتها ايضا
والذي منح قصائدها الاختلاف الخاص بها في فضاء شعر المرأة الليبية في
بلادنا
مقالات مؤرشفة