امثال واسرار بين الجدران

جدران لا تكتم الأسرار

امثال واسرار بين الجدران 226857

سائده السيد - ..من منا أجاز لنفسه التعرف على دلالة ما قيل قديما : '' من عرف سرك، عرف طريقا ليخنقك''.
ومن لا يحمل بداخله بعضا من الأسرار، التي يحتفظ بها لنفسه ، إما بسبب
رغبتنا في الاحتفاظ بها لوحدنا، أو إننا لم نجد من نثق به لنعطيه أسرارنا
وخصوصيتنا.
فهل الاحتفاظ بأسرارنا افضل من البوح بها..وهل نحن قادرون على كتمان اسرار
غيرنا ؟! تقول زينة احمد (25 عاما): ''من وجهة نظري ان كتمان السر افضل من
البوح به، لان كلمة سر تعني ان شخصا قال شيئا لاخر لا يريد البوح به، ولا
يريد لاحد ان يعرفه، والاسوأ ان نبوح بأسرارنا لغير ذوي الثقة ، وبرأيي لا
توجد لاحد ضمانات كافية لكتم الاسرار من قبل الاخرين''.
الاخصائيون الاجتماعيون يعتبرون ان المحافظة على الاسرار هي خاصية انسانية
في العلاقات الاجتماعية من حيث تعامل الفرد مع الاخرين، ومع المجتمع الذي
يعيش فيه، ويؤكدون بأنه قد تدعو الضرورة بعض الناس الى الافضاء بأسرارهم
الى بعض المقربين منهم، من اجل مشورتهم او تخفيف بعض همومهم، ولكن في هذه
الحالة يجب انتقاء الاشخاص بعناية تامة وان يكونوا مؤهلين لحفظ الاسرار
وكتمانها''.
عن هذا يتحدث سند الكايد (31 عاما): '' في هذه الايام نجد الكثيرين الذين
لا يعبرون عن مافي داخلهم، وتبقى في نفوسهم بعضا من الاسرار التي تثقل
كاهلهم، حتى يصابون بمشاكل صحية نتيجة الكبت، وعن نفسي دائما ابحث عن من
يشاركني اسراري حتى اشعر بالراحة''.
سلمى السعيد تخالفه الرأي وتقول'' لماذا نلوم من يفشي اسرارنا ونحن اصلا
لم نكتمها، هناك حكمة عربية قديمة اؤمن بها واطبقها بحياتي والتي تقول(
حفظك لسرك اوجب من حفظ غيرك له ) ، وبرأيي انه من الافضل عدم افشاء أي سر
لاي شخص لان هذا السر سيكون نقطة ضعف يستخدمه الاخرون ضدك''.
ويشير بعض الباحثين الى ان افشاء الاسرار يعتمد على السر اذا كان يسبب
مشاكل او ردود افعال قوية، او انه لا يشكل في حالة افشائه اية مشكلة، ولكن
بشكل عام من الافضل على الانسان ان تكون له اسراره الخاصة التي لا يكشفها
للناس ، فالناس مختلفون ففيهم المريض نفسيا، وفيهم الأسوياء، وفيهم
الإنسان الذي يحمل الأفكار الهدامة.
ويعتبر الباحثون ان علاج السلبيات الاجتماعية ليس بكشف الأسرار، فكل انسان
له أفكاره وخصوصية، وله أسراره التي يجب ان تكون له وحده، ولا يجب ان
يعرفها احد غيره''.
ربا صالح تنتبه الى خصوصية الموضوع وتلفتنا الى أنها ذات مرة : '' كنت
أتحدث مع صديقاتي عن أسراري لطلب النصيحة والمشورة، لكنني بعد ذلك تعلمت
درسا بأن الجميع ليسوا مؤهلين لحفظ الأسرار، فهناك أشخاص يستطيعون ذلك،
وآخرين لا توجد عندهم القدرة على كتم أي سر، وأصبحت لا أعطي أسراري الا
لمن اجد بهم الثقة الكاملة''.
أما دانا عودة (21 عاما) تروي قصتها وتقول '' انا احفظ السر ولا افشي به
ابدا، لكن بعض الأشخاص لا يستطيعون ذلك، ففي احد الأيام حدثت صديقة لي في
الجامعة عن مشكلة خاصة بي،واكتشفت بعد مرور اقل من أربع وعشرين ساعة ان
جميع زملائي يعرفون سري''.
وفي دراسة ألمانية حديثة كشفت بأن البوح بالأسرار غالبا ما يرجع الى إننا
لا نجد الوقت الكافي لتخزينها وكتمانها داخل أنفسنا، او بسبب عدم قدرة
الشخص نفسه على كتم الأسرار، وأكدت الدراسة ان الأطفال هم الاكثر احتفاظا
بأسرارهم الخاصة لسنوات، بينما يفشلون في حماية السر الذي تطلب منهم
الحفاظ عليه.
معاذ يونس اب لطفلين يتحدث '' يفاجئني اطفالي في بعض المواقف بإفشاء اسرار
المنزل للاخرين، مما دعاني الى الاهتمام اكثر في هذا الموضوع، وتعليمهم
بأن افشاء أسرار المنزل من الأمور غير المستحبة، والتي ينزعج منها
الاخرون، وان هناك احاديث اخرى يمكن ان يجذبوا من خلالها الاخرين''.
وينصح الاختصاصيون الوالدين بضرورة شرح مدى خصوصية ما يدور في المنزل
لابنائهم، وانها تعتبر امورا خاصة يجب ان لا يطلع عليها حتى الاقرباء او
الاصدقاء، ويؤكدون على ضرورة ان يشعر الطفل بأهميته في الأسرة وبأنه عنصر
له قيمته واحترامه وأنه فرد مطلع على تفاصيل العائلة وما يدور بداخلها،
فهذه التصرفات ستشعره بأهميته وتعزّز لديه ثقته بنفسه وتعلّمه تحمّل
المسؤولية ، ويجب على الوالدين الالتزام بعدم افشاء اسرار الغير امام
الأطفال لانهم قد يعمدون الى ذلك من باب التقليد.
ومما لا شك فيه بأن حفظ الأسرار وكتمانها أمانة عظيمة، يجب الوفاء بها،
وقد حث الشرع عليها، وحذرنا من إفشاء الاسرار او التفريط بها، فرعاية
الإسلام للمحافظة عليها يستهدف من ورائها حماية العلاقات وتنميتها لدوام
الحياة الاجتماعية، فقد قال رسولنا الكريم '' استعينوا على قضاء الحوائج
بالكتمان''.
يقول معتصم عمر (36 عاما) ''حينما نريد البوح بسر خاص بنا يجب ان ننتقي
الشخص المناسب، فحفظ الاسرار كحفظ الامانات، واسلامنا الحنيف يدعو الى حفظ
الامانات التي من بينها كتمان الاسرار''.
من الاخلاق العظيمة ، حفظ الاسرار وكتمانها والتي تعلي من شأن صاحبها،
ويجب ان يكون للسر احترامه، لان في كتمان اسرار الاشخاص احتراما لهم ، وفي
امثالنا القديمة قالوا '' لسانك حصانك'' و '' لا تقل كل ما تسمع ولا تسمع
كل ما يقال'' و ''حفظ الاموال أهون من حفظ الاسرار''.

شكرا جزيلا